اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   .. ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

فاطر ( 3 )

أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)
نفسه في شيء , ولا أن يحاسبها على أمر . وبطبيعة الحال لا يطيق أن يراجعه أحد في عمل يعمله أو في رأي يراه . لأنه حسن في عين نفسه . مزين لنفسه وحسه . لا مجال فيه للنقد , ولا موضع فيه للنقصان !
هذا هو البلاء الذي يصبه الشيطان على إنسان ; وهذا هو المقود الذي يقوده منه إلى الضلال . فإلى البوار !
إن الذي يكتب الله له الهدى والخير يضع في قلبه الحساسية والحذر والتلفت والحساب . فلا يأمن مكر الله . ولا يأمن تقلب القلب . ولا يأمن الخطأ والزلل . ولا يأمن النقص والعجز . فهو دائم التفتيش في عمله . دائم الحساب لنفسه . دائم الحذر من الشيطان . دائم التطلع لعون الله .


وهذا هو مفرق الطريق بين الهدى والضلال , وبين الفلاح والبوار .
إنها حقيقة نفسية دقيقة عميقة يصورها القرآن في ألفاظ معدودة:
(أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً). .
إنه نموذج الضال الهالك البائر الصائر إلى شر مصير . ومفتاح هذا كله هو هذا التزيين . هو هذا الغرور . هو هذا الستار الذي يعمي قلبه وعينه فلا يرى مخاطر الطريق . ولا يحسن عملاً لأنه مطمئن إلى حسن عمله وهو سوء . ولا يصلح خطأ لأنه واثق أنه لا يخطىء ! ولا يصلح فاسداً لأنه مستيقن أنه لا يفسد ! ولا يقف عند حد لأنه يحسب أن كل خطوة من خطواته إصلاح !
إنه باب الشر . ونافذة السوء . ومفتاح الضلال الأخير . .
ويدع السؤال بلا جواب . . (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ?). . ليشمل كل جواب . كأن يقال:أفهذا يرجى له صلاح ومتاب ? أفهذا كمن يحاسب نفسه ويراقب الله ? أفهذا يستوي مع المتواضعين الأتقياء ? . . . إلى آخر صور الإجابة على مثل هذا السؤال . وهو أسلوب كثير التردد في القرآن .
وتجيب الآية بأحد هذه الأجوبة من بعيد:
(فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات):
وكأنما يقول:إن مثل هذا قد كتب الله عليه الضلالة ; مستحقا لها بما زين له الشيطان من سوء عمله ; وبما فتح عليه هذا الباب الذي لا يعود منه ضال !



فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ; بما تقتضيه طبيعة الضلال في ذلك وطبيعة الهدى في هذا . طبيعة الضلال برؤية العمل حسنا وهو سوء . وطبيعة الهدى بالتفتيش والحذر والمحاسبة والتقوى . . وهو مفرق الطريق الحاسم بين الهدى والضلال .
وما دام الأمر كذلك (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات). .
إن هذا الشأن . شأن الهدى والضلال . ليس من أمر بشر . ولو كان هو رسول الله [ ص ] إنما هو من أمر الله . والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن . وهو مقلب القلوب والأبصار . . والله - سبحانه - يعزي رسوله ويسليه بتقرير هذه الحقيقة له . حتى يستقر قلبه الكبير الرحيم المشفق على قومه مما يراه من ضلالهم , ومصيرهم المحتوم بعد هذا الضلال . وحتى يدع ما يجيش في قلبه البشري من حرص على هداهم , ومن رؤية الحق الذي جاء به معروفاً بينهم ! وهو حرص بشري معروف . يرفق الله سبحانه برسوله من وقعه في حسه , فيبين له أن هذا ليس من أمره , إنما هو من أمر الله .
وهي حالة يعانيها الدعاة كلما أخلصوا في دعوتهم , وأدركوا قيمتها وجمالها وما فيها من الخير . ورأوا الناسفي الوقت ذاته يصدون عنها ويعرضون ; ولا يرون ما فيها من الخير والجمال . ولا يستمتعون بما فيها من الحق والكمال . وأولى أن يدرك الدعاة هذه الحقيقة التي واسى بها الله - سبحانه - رسوله . فيبلغوا دعوتهم باذلين فيها أقصى الجهد . ثم لا يأسوا بعد ذلك على من لم يقدر له الله الصلاح والفلاح .
(إن الله عليم بما يصنعون). .
وهو يقسم لهم الهدى أو الضلال وفق علمه بحقيقة صنعهم . والله يعلم هذه الحقيقة قبل أن تكون منهم ; ويعلمها بعد أن تكون . وهو يقسم لهم وفق علمه الأزلي . ولكنه لا يحاسبهم على ما يكون منهم إلا بعد أن يكون .
وبذلك ينتهي المقطع الثاني في السورة . وهو متصل بالمقطع الأول . ومتسق كذلك مع المقطع الذي يليه . .
الوحدة الثالثة:9 - 14 الموضوع:آيات في الكون والنفس دالة على الوحدانية
هذا المقطع الثالث جولات متتابعة في المجال الكوني الذي يعرض فيه القرآن دلائل الإيمان ; ويتخذ من مشاهده المعروضة للبصائر والأبصار أدلته وبراهينه .
وهذه الجولات المتتابعة تجيء في السورة عقب الحديث عن الهدى والضلال , وعن تسلية الرسول [ ص ] عن إعراض المعرضين , وتفويض هذا الأمر لصاحبه العليم بما يصنعون . . فمن شاء أن يؤمن فهذه أدلة الإيمان معروضة في صفحة الكون حيث لا خفاء فيها ولا غموض . ومن شاء أن يضل فهو يضل عن بينة وقد أخذته الحجة من كل جانب .


وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)
وفي مشهد الحياة النابضة بعد الموات حجة . وفيه دليل على البعث والنشور . وفي خلق الإنسان من تراب , ثم صيرورته إلى هذا الخلق الراقي حجة . وكل مرحلة من مراحل خلقه وحياته تمضي وفق قدر مرسوم في كتاب مبين .
وفي مشهد البحرين المتميزين وتنويعهما حجة . وفيهما من نعم الله على الناس ما يقتضي الشكر والعرفان .
وفي مشهد الليل والنهار يتداخلان ويطولان ويقصران حجة . وفيهما على التقدير والتدبير دليل . وكذلك مشهد الشمس والقمر مسخرين بهذا النظام الدقيق العجيب .
هذه كلها حجج ودلائل معروضة في المجال الكوني الفسيح . وهذا هو الله خالقها ومالكها . والذين يدعون من دون الله ما يملكون من قطمير . ولا يسمعون ولا يستجيبون . ويوم القيامة يتبرأون من عبادهم الضلاّل . فماذا بعد الحق إلا الضلال ?
الدرس الأول:9 لفت الأنظار إلى الرياح والمطر والنبات
(والله الذي أرسل الرياح , فتثير سحاباً , فسقناه إلى بلد ميت , فأحيينا به الأرض بعد موتها . كذلك النشور).
وهذا المشهد يتردد في معرض دلائل الإيمان الكونية في القرآن . مشهد الرياح , تثير السحب ; تثيرها من البحار , فالرياح الساخنة هي المثيرة للبخار ; والرياح الباردة هي المكثفة له حتى يصير سحاباً ; ثم يسوق الله هذا السحاب بالتيارات الهوائية في طبقات الجو المختلفة , فتذهب يميناً وشمالاً إلى حيث يريد الله لها أن تذهب , وإلى حيث يسخرها ويسخر مثيراتها من الرياح والتيارات , حتى تصل إلى حيث يريد لها أن تصل . . إلى بلد ميت . . مقدر في علم الله أن تدب فيه الحياة بهذا السحاب . والماء حياة كل شيء في هذه الأرض . (فأحيينا به الأرض بعد موتها). . وتتم الخارقة التي تحدث في كل لحظة والناس في غفلة عن العجب العاجب فيها . وهم مع وقوع هذه الخارقة في كل لحظة يستبعدون النشور في الآخرة . وهو يقع بين أيديهم في الدنيا . . (كذلك النشور). . في بساطة ويسر , وبلا تعقيد ولا جدل بعيد !
هذا المشهد يتردد في معرض دلائل الإيمان الكونية في القرآن لأنه دليل واقعي ملموس , لا سبيل إلى المكابرة فيه . ولأنه من جانب آخر يهز القلوب حقاً حين تتملاه وهي يقظى ; ويلمس المشاعر لمساً موحياً حين تتجه إلى تأمله . وهو مشهد بهيج جميل مثير . وبخاصة في الصحراء حيث يمر عليها الإنسان اليوم وهي محل جدب جرداء . ثم يمر عليها غداً وهي ممرعة خضراء من آثار الماء . والقرآن يتخذ موحياته من مألوف البشر المتاح لهم , مما يمرون عليه غافلين . وهو معجز معجب حين تتملاه البصائر والعيون .
الدرس الثاني:10 العزة بيد الله وحده وانقلاب مكر الكفار على أنفسهم
ومن مشهد الحياة النابضة في الموات ينتقل نقلة عجيبة - شيئاً - إلى معنى نفسي ومطلب شعوري .
ينتقل إلى معنى العزة والرفعة والمنعة والاستعلاء . ويربط هذا المعنى بالقول الطيب الذي يصعد إلى الله والعمل الصالح الذي يرفعه الله . كما يعرض الصفحة المقابلة . صفحة التدبير السيّىء والمكر الخبيث , وهو يهلك ويبور:
(من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً , إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه , والذين يمكرونالسيئات لهم عذاب شديد , ومكر أولئك هو يبور). .


مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)
ولعل الرابط الذي يصل بين الحياة النامية في الموات , والكلمة الطيبة والعمل الصالح , هو الحياة الطيبة في هذه وفي تلك ; وما بينهما من صلة في طبيعة الكون والحياة . وهي الصلة التي سبقت الإشارة إليها في سورة إبراهيم .(ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون , ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار). . وهو شبه حقيقي في طبيعة الكلمة وطبيعة الشجرة ; وما فيهما من حياة ونماء . والكلمة تنمو وتمتد وتثمر كما تنمو الشجرة وتمتد وتثمر سواء بسواء !
وقد كان المشركون يشركون استبقاء لمكانتهم الدينية في مكة , وما يقوم عليها من سيادة لقريش على القبائل بحكم العقيدة , وما تحققه هذه السيادة من مغانم متعددة الألوان . العزة والمنعة في أولها بطبيعة الحال . مما جعلهم يقولون: (إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا). .
فالله يقول لهم:
(من كان يريد العزة فلله العزّة جميعاً)
وهذه الحقيقة كفيلة حين تستقر في القلوب أن تبدل المعايير كلها , وتبدل الوسائل والخطط أيضاً !
إن العزة كلها لله . وليس شيء منها عند أحد سواه . فمن كان يريد العزة فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره . ليطلبها عند الله , فهو واجدها هناك وليس بواجدها عند أحد , ولا في أي كنف , ولا بأي سبب (فلله العزّة جميعاً). .
إن الناس الذين كانت قريش تبتغي العزة عندهم بعقيدتها الوثنية المهلهلة ; وتخشى اتباع الهدى - وهي تعترف أنه الهدى - خشية أن تصاب مكانتها بينهم بأذى . إن الناس هؤلاء , القبائل والعشائر وما إليها , إن هؤلاء ليسوا مصدراً للعزة , ولا يملكون أن يعطوها أو يمنعوها (فلله العزّة جميعاً). . وإذا كانت لهم قوة فمصدرها الأول هو الله . وإذا كانت لهم منعة فواهبها هو الله . وإذن فمن كان يريد العزة والمنعة فليذهب إلى المصدر الأول , لا إلى الآخذ المستمد من هذا المصدر . ليأخذ من الأصل الذي يملك وحده كل العزة , ولا يذهب يطلب قمامة الناس وفضلاتهم . وهم مثله طلاب محاويج ضعاف !
إنها حقيقة أساسية من حقائق العقيدة الإسلامية . وهي حقيقة كفيلة بتعديل القيم والموازين , وتعديل الحكم والتقدير , وتعديل النهج والسلوك , وتعديل الوسائل والأسباب ! ويكفي أن تستقر هذه الحقيقة وحدها في أي قلب لتقف به أمام الدنيا كلها عزيزاً كريماً ثابتاً في وقفته غير مزعزع , عارفاً طريقه إلى العزة , طريقه الذي ليس هنالك سواه ! 
إنه لن يحني رأسه لمخلوق متجبر . ولا لعاصفة طاغية . ولا لحدث جلل . ولا لوضع ولا لحكم . ولا لدولة ولا لمصلحة , ولا لقوة من قوى الأرض جميعاً . وعلام ? والعزة لله جميعاً . وليس لأحد منها شيء إلا برضاه ?
ومن هنا يذكر الكلم الطيب والعمل الصالح:
(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). .
ولهذا التعقيب المباشر بعد ذكر الحقيقة الضخمة مغزاه وإيحاؤه . فهو إشارة إلى أسباب العزة ووسائلها لمن يطلبها عند الله . القول الطيب والعمل الصالح . القول الطيب الذي يصعد إلى الله في علاه ; والعمل الصالحالذي يرفعه الله إليه ويكرمه بهذا الارتفاع . ومن ثم يكرم صاحبه ويمنحه العزة والاستعلاء .
والعزة الصحيحة حقيقة تستقر في القلب قبل أن يكون لها مظهر في دنيا الناس . حقيقة تستقر في القلب فيستعلي بها على كل أسباب الذلة والانحناء لغير الله . حقيقة يستعلي بها على نفسه أول ما يستعلي . يستعلي بها على شهواته المذلة , ورغائبه القاهرة , ومخاوفه ومطامعه من الناس وغير الناس . ومتى استعلى على هذه فلن يملك أحد وسيلة لإذلاله وإخضاعه . فإنما تذل الناس شهواتهم ورغباتهم , ومخاوفهم ومطامعهم . ومن استعلى عليها فقد استعلى على كل وضع وعلى كل شيء وعلى كل إنسان . . وهذه هي العزة الحقيقية ذات القوة والاستعلاء والسلطان !
إن العزة ليست عناداً جامحاً يستكبر على الحق ويتشامخ بالباطل . وليست طغياناً فاجراً يضرب في عتو وتجبر وإصرار . وليست اندفاعاً باغياً يخضع للنزوة ويذل للشهوة . وليست قوة عمياء تبطش بلا حق ولا عدل ولا صلاح . . كلا ! إنما العزة استعلاء على شهوة النفس , واستعلاء على القيد والذل , واستعلاء على الخضوع الخانع 
لغير الله . ثم هي خضوع لله وخشوع ; وخشية لله وتقوى , ومراقبة لله في السراء والضراء . . ومن هذا الخضوع لله ترتفع الجباه . ومن هذه الخشية لله تصمد لكل ما يأباه . ومن هذه المراقبة لله لا تعنى إلا برضاه .
هذا مكان الكلم الطيب والعمل الصالح من الحديث عن العزة , وهذه هي الصلة بين هذا المعنى وذاك في السياق . ثم تكمل بالصفحة المقابلة:
(والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور).
ويمكرون هنا مضمنة معنى يدبرون . ولكنه عبر بها لغلبة استعمالها في السوء . فهؤلاء لهم عذاب شديد . فوق أن مكرهم وتدبيرهم يبور . فلا يحيا ولا يثمر . من البوار ومن البوران سواء . وذلك تنسيقاً مع إحياء الأرض وإثمارها في الآية السابقة .
والذين يمكرون السيئات يمكرونها طلباً للعزة الكاذبة , والغلبة الموهومة . وقد يبدو في الظاهر أنهم أعلياء , وأنهم أعزاء وأنهم أقوياء . ولكن القول الطيب هو الذي يصعد إلى الله , والعمل الصالح هو الذي يرفعه إليه . وبهما تكون العزة في معناها الواسع الشامل . فأما المكر السيى ء قولاً وعملاً فليس سبيلاً إلى العزة ولو حقق القوة الطاغية الباغية في بعض الأحيان . إلا أن نهايته إلى البوار وإلى العذاب الشديد . وعد الله , لا يخلف الله وعده . وإن أمهل الماكرين بالسوء حتى يحين الأجل المحتوم في تدبير الله المرسوم .
الدرس الثالث:11 حياة الإنسان بيد الله وحده من البداية للنهاية
ثم يجيء مشهد النشأة الأولى للإنسان بعد الكلام عن نشأة الحياة كلها بالماء . ويذكر ما يلابس تلك النشأة من حمل في البطون ; ومن عمر طويل وعمر قصير . وكله في علم الله المكنون .
(والله خلقكم من تراب , ثم من نطفة , ثم جعلكم أزواجاً . وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه . وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب . إن ذلك على الله يسير). .
والإشارة إلى النشأة الأولى من التراب تتردد كثيراً في القرآن ; وكذلك الإشارة إلى أول مراحل الحمل:النطفة . . والتراب عنصر لا حياة فيه , والنطفة عنصر فيه الحياة . والمعجزة الأولى هي معجزة هذه الحياة التي لا يعلم أحد كيف جاءت , ولا كيف تلبست بالعنصر الأول . وما يزال هذا سراً مغلقاً على البشر ; وهو حقيقة قائمة مشهودة , 

 1   2   3   4   5   6

0 التعليقات:

إرسال تعليق